هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةأحدث الصوردخولالتسجيل

 

  "التوباد" بين مجنون ليلى وأحمد شوقي

اذهب الى الأسفل 
3 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
بنت الريف
عـضو ذهـبي
بنت الريف


عدد المساهمات : 874
عدد المساهمات : 6863
تاريخ التسجيل : 04/11/2010

 "التوباد" بين مجنون ليلى وأحمد شوقي  Empty
مُساهمةموضوع: "التوباد" بين مجنون ليلى وأحمد شوقي     "التوباد" بين مجنون ليلى وأحمد شوقي  Emptyالخميس 24 مارس 2011 - 23:21

 "التوباد" بين مجنون ليلى وأحمد شوقي  38583alsh3er
رغم تخوفي من أن لايلقى الموضوع اهتماما بسبب طوله إلا أنني فضلت نقله عله يلقى استحسانا لدى محبي الشعر العربي أو الدارسين له .
جبل التوباد بين مجنون ليلى وأحمد شوقي

من الأماكن ما يرتبط بالذاكرة الأدبية ويتجاوز دائرة الواقع ليصبح رمزا لمعنى أو مثيرا لاستدعاء حال أو شعور أو ذكرى ، وفي الشعر العربي القديم أسماء للعديد من الأماكن أصبحت لكثرة دورانها على ألسنة الشعراء وارتباطها بالإحساس الشعري – نفسيا وجغرافيا- رموزا لمعاني الحب والشوق أو اللقاء ، بغض النظر عن اقتران الشاعر نفسه بهذا المكان في سيرته الشخصية أو في حركته التي لا تهدأ من مكان إلى آخر
ومن هذه الأماكن جبل" التوباد "الذي أصبح وروده في شعر مجنون ليلى "قيس بن الملوح" إشارة إلى أرض بني عامر حيث ديار "ليلى "التي هام بها وملأت عليه نفسه وظل وفيا لحبها حتى الرمق الأخير ، وكان شعره فيها متصلا عبر دائرة محكمة من ذكريات الطفولة والصبا المشتركة وهما صغيران يرعيان مواشي أهلهما – وذكريات الشباب المتفتح بعنفوان عواطفه وتأجج مشاعره ثم حرمانه الزواج منها نزولا عند التقاليد العربية القديمة التي تحرم على من تغزل بامرأة وقال فيها شعرا تتسامع به الناس – أن يتزوج منها ، ثم هام قيس على وجهه بابتعاده عن الناس وتوحشه وتسميته بالمجنون بعد أن زوجت ليلى من غيره وهو"ورد" من قبيلة ثقيف .
وفي أخبار قيس وليلى ما يلقي مزيدا من الضوء على منزلة " التوباد" منهما ، حيث تقول الأخبار أن قيس لما ذهب عقله وتوحش كان يجيء جبل التوباد فيقيم به ، فإذا تذكر أيام كان يطوف هو وليلى به حينما كانا صبيين –جزع جزعا شديدا وتوحش ، فيهيم على وجهه حتى يأتي نواحي الشام فإذا ثاب إليه عقله رأى بلدا لا يعرفه فيسأل عن عن التوباد من أرض بني عامر فيقال له وأين أنت من أرض بني عامر ؟ أنت بالشام وعليك بنجم كذا فأته فيمضي على وجهه حتى يقع بأرض اليمن فيرى بلادا ينكرها وقوما لا يعرفهم ، فيسألهم عن التوباد؟ ولا يزال كذلك فإذا رآه قال :

وأجهشت للتوباد حيـــــن رأيتــه***********وهلل لي الرحمان حين رآنــــي
وأذريت دمع العيـــن لما رأيتــه**********ونادى بأعلــى صوته ودعانـــــي
سألت سواد الحـــي لما رأيتــــه **********وأخبرته ما قــد جرى ودهانــــي
فقلت له أيـــن الذيـــن عهدتهــم **********حواليك فــي خصب وطيب زمان
فقال مضوا واستودعوني بلادهم **********ومن ذا الذي يبقى مع الحدثــــان
وإني لأبكي اليوم من حذري غدا **********فراقـــــك والحيـــــان مؤتلفـــان
سجــــالا وتهتــــانا ووبلا وديمة **********وسحـــا وتسجـــالا إلى همــلان

السجال :جمع سجل وهوملء الدلو
التهتان : الصب وتتابع المطر.
الوبل : المطر الشديد .
الديمة : المطر يدوم في سكون بلا رعد ولا برق .
السح : الصب المتتابع الغزير
التسجام : الصب والتدفق .
الهملان : فيض العين بالدموع
ثم يقول مجنون ليلى :
أيا مهديا ففي الحبيب صبيحة ************بمن إلى مــن جئتما تشيـــان
بمن لو أراه عانيـــا لفديتــــــه ************ومن لو رآني عانيــا لفداني
فمن مبلغ عني الحبيب رسالة ************بأن فـؤادي دائــــم الخفقـــان
وأني ممنوع من النوم مدنف************وعينايا من وجد الأسى تكفان

وفي مسرحية أحمد شوقي الشعرية المعنونة "مجنون ليلى"لاتفوت شوقي الاشارة في أكثر من مكان من فصول مسرحيته إلى "التوباد"
من أرض بني عامر – وحين تموت ليلى وتوارى الثرى يصور على لسان قيس الذي لا يدري بعد أن ليلى قد ماتت-في قدرة شعرية آسرة ، وقدرة على استدعاء الذكريات البعيدة من خلال عاطفة وموسيقى نفسية شجية :
جبل التوبــــــاد حياك الحيا................... وسقى الله صبانا ورعــــى
فيك ناغينا الهوى في مهـده ...................ورضعناه فكنت المرضعا
وحدونا الشمس في مغربـها.....................وبكرنـــا فسبقنـــا المطلعا
وعلى سفحك عشنا زمنـتــا ....................ورعينا غنــم الأهـــل معا
هذه الربـــوة كانت ملعبـــا.....................لشبابينا وكانـــت مرتعـــــا
كم بنينا من حصاها أربعـا ..................وانثنينا فمحــــونا الأربعــــا
وخططنا في نقا الرمل ، فلم ................تحفظ الريح ولا الرمل وعى
لـــم تزل ليلى بعيني طفلـــة ................لم تزد عن أمس إلا أصبعــا
ما لأحجارك صما ، كلمـــا ..............هاج بي الشوق أبت أن تسمعا
كلما جئتك راجعت الصبـــا ...............فأبت أيامـــه أن ترجعـــــــــا
قد يهون العمر إلا ساعة .................وتهون الأرض إلا موضعـــا

شوقي- وهو يتحدث بلسان قيس ويترجم عن أشواقه –يدير أبياته على محورين رئيسيين هما محورا المكان والزمان .
-أما المكان فهو جبل التوباد بكل حضوره في الذاكرة ، رمزا لعمر جميل مشترك وأيام لم يفترق فيها الحبيبان ، وحضوره في الواقع شاهدا على ما حدث ، ومتابعا لما آل إليه حال الحبيبين : فراق واغتراب ونفي وعناء ومكابدة ويأس من اللقاء يفضي إلى المرض فالموت ، وقيس راض بقضاء الله وقدره ، ومستسلم لحكمته :
قضاها لغيري وابتلاني بحبها******** فهلا بشيء غير ليلى ابتلانيا !
-وأما الزمان فهو الصبا الذي يدعو له قيس بالسقيا والرعاية .ولا يلبث المعجم الشعري لهذين المحورين الرئيسيين أن ينهمر ويتتابع ، فالمكان يستتبع المهد والسفح ورعي غنم الأهل والربوة التي كانت ملعبا ومرتعا والأربع التي يبنيها العاشقان الصغيران من الحصى وهما يخطان في نقا الرمل خطوطا لاتحفظها الريح ، كما يستتبع المكان الأحجار الصم التي لا تسمع ولا تعي .
وفي ختام الأبيات يصبح هذا المكان موضعا تهون الأرض كلها ولا يهون ويستتبع الزمان - من مفردات هذا المعجم الشعري –صورة الرضاع ومناغاة الهوى ومغرب الشمس ، وصورة ليلى التي لا تزال طفلة ، وأيام الصبا التي تأبى الرجوع ، وفي ختام الأبيات يصبح هذا الزمان ساعة يهون العمر كله ولا تهون .
العمر يمضي ، والأيام تتوارى ، والذكريات تتداعى ، ويبقى القلب وتبقى الذاكرة شاهدين على التغير وإيقاع الدوران السريع ، وفي موضعها من سياق مسرحية شوقي تسجل الأبيات حضورا خاصا وكأنها تعبير قيس-الغافلعن موت ليلى –عن ثبات الجبل والعمر الجميل في وجه ريح الفناء والعدم ، وكأن عالم اللاوعي عند قيس يفصح عن فكرة الرسوخ والبقاء في وجه الزوال والموت ، والتوباد –بكل دلالته الجغرافية والنفسية –والصبا الجميل بكل ذكرياته الحية وخصوبته وثرائه –وتدان مشدودان بحبال قوية الفتل ، يحفظان لخيمة هذا العمر قوة البقاء والحياة .
ولسوف يبقى "التوباد" الجبل والشعر في ذاكرة قراء الشعر العربي ، مدام هناك قلب ينبض ، ومساحات من الوجدان عامرة بالمشاعر النبيلة الصادقة ، والانتماء الأصيل إلى مفردات المكان والزمان .

بقلم فاروق شوشة عن مجلة العربي
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
لؤلؤة الشرق
عضو ماسي
لؤلؤة الشرق


عدد المساهمات : 1196
عدد المساهمات : 7714
تاريخ التسجيل : 31/10/2009
العمر : 93

 "التوباد" بين مجنون ليلى وأحمد شوقي  Empty
مُساهمةموضوع: رد: "التوباد" بين مجنون ليلى وأحمد شوقي     "التوباد" بين مجنون ليلى وأحمد شوقي  Emptyالسبت 26 مارس 2011 - 12:23

مميزة حضورك دائما يا بنت الريف ،
نقل جميل اعدتنا فيه الى زمن جبل التوباد .و توضيح رائع لمن لا يعلم سبب ذكر هذا الجبل دائما .
آآآآه لذلك الزمن الجميل كم تمنيت لو كنت موجودة في زمن الصدق و الوفاء

لا في زمن الخيانة و الكذب

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
lina39
عـضو ذهـبي
lina39


عدد المساهمات : 878
عدد المساهمات : 6694
تاريخ التسجيل : 10/09/2010
العمر : 28

 "التوباد" بين مجنون ليلى وأحمد شوقي  Empty
مُساهمةموضوع: رد: "التوباد" بين مجنون ليلى وأحمد شوقي     "التوباد" بين مجنون ليلى وأحمد شوقي  Emptyالسبت 26 مارس 2011 - 17:18

رائع ما نقلتي لنا بنت الريييييييييييف
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
بنت الريف
عـضو ذهـبي
بنت الريف


عدد المساهمات : 874
عدد المساهمات : 6863
تاريخ التسجيل : 04/11/2010

 "التوباد" بين مجنون ليلى وأحمد شوقي  Empty
مُساهمةموضوع: رد: "التوباد" بين مجنون ليلى وأحمد شوقي     "التوباد" بين مجنون ليلى وأحمد شوقي  Emptyالأحد 27 مارس 2011 - 17:21


شكرا لؤلؤة على الحضور المميز في صفحتي
حنيننا جميعا إلى أيام الزمن الجميل المليء بالاخلاص والوفاء .
شكرا لينا على مرورك من هنا .

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
"التوباد" بين مجنون ليلى وأحمد شوقي
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
 :: المنتدى الأدبي ( برعاية النادي الأدبي احمد الغوالمي ) :: الشعر الفصيح-
انتقل الى: