هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةأحدث الصوردخولالتسجيل

 

 الإستثمار في العنصر البشري

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
محمد_ujz
عضو نشيط
عضو نشيط



عدد المساهمات : 57
عدد المساهمات : 5890
تاريخ التسجيل : 29/06/2008

الإستثمار في العنصر البشري Empty
مُساهمةموضوع: الإستثمار في العنصر البشري   الإستثمار في العنصر البشري Emptyالسبت 28 نوفمبر 2009 - 20:17

أهمية الاستثمار في العنصر البشري دروس مستفادة من تجربة البناء في اليابان


د. غانم علوان الجميلي *

يجول في خاطري تساؤل عن الأسباب التي جعلت بعض الشعوب تنمو بشكل كبير في مقابل أخرى - مثل شعوبنا - التي آثرت أن تراوح في مكانها ان لم نقل رجعت إلى الوراء. شغلني هذا السؤال قبل حوالي خمس سنوات وعندما ابتعثت سفيراً للعراق لدى اليابان وجدت الفرصة في التعرف على تجربة الشعب الياباني في إعادة الإعمار، لم لا إذا ما علمنا ان هذا الشعب تمكن في فترة قياسية من اعادة بناء بلده الذي دمرته الحرب، وأصبح ثاني قوة اقتصادية في العالم واستطاع أن يحقق من خلال عملية البناء ما فشل في تحقيقه عن طريق القوة العسكرية التي كانت لها آثار كارثية ليس أقلها الملايين من الضحايا والدمار الشامل لكل مرافق الحياة.

ولكي أصل إلى الإجابة على هذا السؤال درست بعض المراجع والكتب المهمة وحاورت أهل الفكر والسياسة حول هذا الموضوع، فكانت الإجابة هي أن الشعب الياباني جعل جل اهتمامه في استثمار وبناء العنصر البشري وجعل من هذه القضية هي القضية المحورية والأساسية لعملية النهوض والبناء. وليس أدل على هذه المسألة من قصة المئة كيس رز وهي قصة طالما ذكرنا بها رئيس وزراء اليابان الأسبق السيد جونشيرو كوئيز ومي في لقاءاته مع الضيوف القادمين من دول العالم الثالث مثل العراق، والقصة معروفة في اليابان ب «كومي هيابيو» أو «مئة كيس رز» وهي قصة يعود تأريخها إلى النصف الثاني من القرن التاسع عشر عندما قرر قادة اليابان أن تتوحد البلاد تحت حكم الامبراطور وأن ينتهي العمل بنظام الإقطاع والطبقات الاجتماعية، وذلك لأن السفن البحرية الأمريكية قد وصلت إلى موانئ اليابان وأجبرت حكومة اليابان على أن تفتح موانئها أمام التجارة وإلا فإن السفن الأمريكية سوف تضطر لفعل ذلك باستخدام القوة.

اجتمع عقلاء اليابان ورؤساء الاقطاعيات وقرروا أن الرد على التحدي الأمريكي هو بوحدة اليابان تحت حكم الامبراطور ميجي، وأن يتنازل حكام الإقطاعيات عن أملاكهم وصلاحياتهم إلى الامبراطور، وأن تقوم اليابان بانتهاج برنامج نهضوي قائم على دراسة تجربة الدول الغربية والاستفادة منها قدر الإمكان. ولذلك اختار الامبراطور مجموعة من خيرة الشباب اليابانيين المتشبعين بالثقافة اليابانية والفلسفة الصينية وأرسلهم الى خيرة الجامعات الأوروبية وقام باستقدام العلماء والمهندسين الأوروبيين ووزعهم على المحافظات لاقامة مراكز تعليم وإبداع صناعي في اليابان.

وبما أن عملية التوحيد هذه لم تحدث بين عشية وضحاها ومن دون إشكالات، لرفض بعض الاقطاعيات هذه الفكرة وأبت الانصياع للحكم المركزي، الأمر الذي اضطر الامبراطور إلى إرسال قواته لاخضاع هذه الاقطاعيات بالقوة نتج عن ذلك حروب كبيرة وكان من هذه الإقطاعيات التي رفضت الانصياع للحكم المركزي محافظة «ناغا أوكا» فكانت النتيجة حرباً أحرقت الأخضر واليابس تسببت في انتشار المجاعة في المنطقة. فما كان من الحكومة المركزية إلا أن سارعت بإرسال معونة عاجلة لإغاثة المحتاجين وكانت عبارة عن مئة كيس رز، استلم المعونة السيد كوباياشي بالنيابة عن السكان وأخذ يفكر في أحسن الطرق للاستفادة من المعونة، نعم لقد فكر السيد كوباياشي بأن يبيع أكياس الرز وأن يستفيد من ثمنها الكبير. ولعل أول ما يتبادر إلى الذهن أن السيد كوباياشي يذكرنا بالعديد من المسؤولين في بلادنا المنكوبة الذين يستغلون معاناة الناس في سبيل الإثراء غير المشروع، لكن الحق يقال إن السيد كوباياشي لم يفكر أن يستفيد شخصياً من الأموال التي ستجني من ثمن الرز ولكنه فكر بالاستفادة من الأموال في بناء مدرسة لأبناء مقاطعته، لم تلق فكرة اسيد كوباياشي إجماعاً من قبل الناس خصوصاً وهم بأمس الحاجة إلى وجبة طعام، لكن السيد كوباياشي اجتمع بسكان المقاطعة وحثهم على قبول فكرته في بناء المدرسة وقال لهم «إننا إذا قمنا بتوزيع المائة كيس رز وأكلناها انتهى أثرها في التو، ولكننا إذا استثمرنا أموالها في التعليم فإن المائة كيس رز قد تصبح عشرة آلاف كيس وقد تصبح مليون كيس» استطاع السيد كوباياشي إقناع أهالي المقاطعة بفكرته. وفعلاً بيعت المائة كيس رز وبني بثمنها مدرسة «كابو غوكان».

هذه القصة توضح أهمية الاستثمار في العنصر البشري، وأن هذا الاستثمار هو المفتاح الأمثل لنهضة الشعوب، ما أحوجنا في هذه الأيام إلى مسؤولين مثل السيد كوباياشي وإلى فكر مثل الفكر الذي تمثله هذه القصة. ولقد صدق المثل القائل «انك اذا أهديت جائعاً سمكة أشبعته يوماً، أما إذا علمته الصيد فقد أشبعته طيلة حياته».
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
kami
عضو ماسي
kami


عدد المساهمات : 1635
عدد المساهمات : 8633
تاريخ التسجيل : 31/10/2009
العمر : 37

الإستثمار في العنصر البشري Empty
مُساهمةموضوع: رد: الإستثمار في العنصر البشري   الإستثمار في العنصر البشري Emptyالجمعة 25 ديسمبر 2009 - 23:00

شكرا يا شخ محمد على الموضوع الرائع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الإستثمار في العنصر البشري
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
 :: منتدى الثقافة العامة :: الثقافة العامة-
انتقل الى: