لا للجدار ... لا للحصار ... لا للعار

يا مصر.. إن هذا لظلم عظيم!!


أثارت قضية الجدار الفولاذي، الذي تشرع أو شرعت مصر في بنائه تحت الأرض، بتمويل أمريكي، في الشريط الحدودي الذي يفصلها عن غزة، تساؤلات عديدة تداولتها صحفنا الوطنية، والصحف العربية الأخرى، وتزايد الضغط بسببها على السلطات المصرية، وقرر نواب الإخوان وآخرون مستقلون مساءلتها في البرلمان، وكانت الصحافة الإسرائيلية هي أول من أشار إلى هذه القضية، مما جعل حركة حماس تستبعدها، ولكن التصريحات التي أدلت بها بعض الجهات إلى الصحافة، مثل جيفري فيلتمان، وممثلة الأنوروا، ومحمود عباس رئيس السلطة الفلسطينية، أكدت صحة الخبر، وهذا يجعلنا نتساءل مع النائب المصري، سيد عسكر: " كيف انقلب موقف مصر من بلد مساند للحرية ومدافع عن حقوق المظلومين ونصيرا للأحرار في كل أنحاء العالم إلى بلد يناصر الظلمة ويؤيد المعتدين ويخذل الأحرار والمظلومين؟".


وإن اعتبار بناء الجدار –كما صرح بذلك أبو الغيط وزير خارجية مصر- شأن يدخل في ممارسة مصر لسيادتها على أراضيها، لا ينفي البتة، أنه يضرب المقاومة الفلسطينية في غزة في الصميم، إذ يحول بينها وبين الحصول على ما تحتاج إليه من سلاح، كما نبه إلى ذلك الكاتبان، فهمي هويدي، وحسن نافعة، فالاحتجاج بممارسة مصر لسيادتها على أراضيها، هو احتجاج باطل، لأن الذي اضطر الغزاويين إلى التهريب عبر الأنفاق، هو إصرار مصر على غلق معبر رفح في وجوههم، فهي التي اضطرتهم لانتهاك سيادتها أصلا، ولو أنها أذنت بفتحه، وسمحت بمرور المعونات الإنسانية التي تقاطرت عليهم من مشارق الأرض ومغاربها، لما اضطروا إلى هذه الأنفاق، هذا فضلا على أن بناء مثل هذا الجدار هو الذي سيصيب السيادة المصرية بأكبر الضرر، إذ سيجعل مصر تبدو في صورة الدولة التي تخدم أهداف العدو الإسرائيلي، الذي هو العدو الأكبر للأمة العربية والإسلامية، مثلما هو عدو للفلسطينيين، ومن شأن ذلك أن يكذب المزاعم المصرية، التي تدعي حماية العروبة والدفاع عنها، ومن هنا فإن الإصرار على بناء هذا الجدار الفولاذي على حدود رفح، سيذهب بهيبة مصر في أعين العرب، بل حتى في أعين العالم الإسلامي، الذي سيرى فيه خذلانا للمسلمين، وتنكرا للأخوة الإسلامية، التي طالما تغنت بها مصر، واستخدمتها كحصان طروادة للتسلل لقلوب أبنائه، وبذلك تضار مصر في قوتها الناعمة التي طالما بوأتها مكانة مميزة في العالمين العربي والإسلامي.


بل إن إقامة هذا الجدار، ستؤكد أن مصر قد كفرت بعروبتها، وآثرت انتماءها الفرعوني، وذلك سيدفع العرب لا محالة، إلى المطالبة بتغيير مقر الجامعة العربية، ونقلها إلى دولة أكثر ارتباطا بالعروبة، وسيصبح من حق العرب كذلك، المطالبة بتغيير رئاسة هذه المنظمة، التي لم نسمع إلى حد الآن صدور احتجاج منها على هذا التصرف المصري.


وختاما فإن هذا التصرف المصري على ما فيه من إضرار للمقاومة الفلسطينية، وما يتسبب فيه من إضعاف لرابطة العروبة، وهدر للأخوة الإسلامية، فإنه ينطوي على نرجسية بالغة، وأنانية مقيتة، تتنافى تماما مع النبل الأخلاقي، الذي يربأ بصاحبه أن يتسبب في إلحاق الضرر الأكيد بالغير، خاصة إذا كان هذا الغير من ذوي القربى، وسيكون وقعه على الفلسطينيين خاصة، والعرب عامة، مؤلما أشد الألم، وقديما قال الشاعر طرفة ابن العبد:


وظلم ذوي القربى أشد مضاضة***على المرء من وقع


اسأظل هكذا حتى يتحد العرب فيما بينهم سانزف وانزف

مصر منك لله